فصل: من لطائف وفوائد المفسرين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



{وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ} أَيْ يُوَجِّهُ أَشِعَّةَ بَصَرِهِ إِلَيْكَ عِنْدَمَا تَقْرَأُ الْقُرْآنَ، وَلَكِنَّهُ لَا يُبْصِرُ مَا آتَاكَ اللهُ مِنْ نُورِ الْإِيمَانِ، وَهِيبَةِ الْخُشُوعِ لِلدَّيَّانِ، وَكَمَالِ الْخَلْقِ وَالْخُلُقِ، وَأَمَارَاتِ الْهَدْيِ وَالْحَقِّ، وَآيَاتِ الْتِزَامِ الصِّدْقِ، الَّتِي عَبَّرَ عَنْهَا أَحَدُ أُولِي الْبَصِيرَةِ بِقَوْلِهِ عِنْدَمَا رَأَى النَّبِيَّ- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: وَاللهِ مَا هَذَا بِوَجْهِ كَذَّابٍ، وَقَالَ فِيهِ آخَرُ:
لَوْ لَمْ تَكُنْ فِيهِ آيَاتٌ مُبَيِّنِةٌ ** كَانَتْ بَدِيهَتُهُ تُنْبِيكَ بِالْخَبَرِ

وَقَالَ حَكِيمٌ إِفْرِنْجِيٌّ: كَانَ مُحَمَّدٌ يَقْرَأُ الْقُرْآنَ فِي حَالَةِ وَلَهٍ وَتَأَثُّرٍ وَتَأْثِيرٍ، فَيَجْذِبُ بِهِ إِلَى الْإِيمَانِ أَضْعَافَ مَنْ جَذَبَتْهُمْ آيَاتُ مُوسَى وَعِيسَى (عَلَيْهِمُ السَّلَامُ).
وَمَنْ فَقَدَ الْبَصِيرَةَ الْعَقْلِيَّةَ وَالْقَلْبِيَّةَ فِيمَا يَرَاهُ بِبَصَرِهِ، فَجَمَعَ بَيْنَ وُجُودِ النَّظَرِ الْحِسِّيِّ بِالْعَيْنَيْنِ، وَعَدَمِ النَّظَرِ الْمَعْنَوِيِّ بِالْعَقْلِ، فَهُوَ مَحْرُومٌ مِنْ هِدَايَةِ الْبَصَرِ، وَهِي الْبَصِيرَةُ الَّتِي يَمْتَازُ بِهَا الْإِنْسَانُ عَنْ بَصَرِ الْحَيَوَانِ، فَكَأَنَّهُ أَعْمَى الْعَيْنَيْنِ {أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كَانُوا لَا يُبْصِرُونَ} أَيْ أَنَّكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ لَسْتَ بِقَادِرٍ عَلَى هِدَايَةِ الْعُمْيِ بِدَلَائِلِ الْبَصَرِ الْحِسِّيَّةِ، فَكَذَلِكَ لَا تَقْدِرُ عَلَى هِدَايَتِهِمْ بِدَلَائِلِهِ الْعَقْلِيَّةِ، وَلَوْ كَانُوا فَاقِدِينَ لِنِعْمَةِ الْبَصِيرَةِ الَّتِي تُدْرِكُهَا، وَقَدْ أَسْنَدَ فِعْلَ الِاسْتِمَاعِ إِلَى الْجَمِيعِ لِكَثْرَةِ تَفَاوُتِ الْمُسْتَمِعِينَ وَاخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فِيهِ، وَأَسْنَدَ فِعْلَ النَّظَرِ إِلَى الْمُفْرَدِ لِأَنَّهُ جِنْسٌ وَاحِدٌ، وَلَكِنَّهُ أَفْرَدَ السَّمْعَ وَجَمَعَ الْأَبْصَارَ فِي بِضْعِ آيَاتٍ مِنْهَا (31) مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ لِمَا ذَكَرْنَاهُ فِي تَفْسِيرِهَا.
وَالْمُرَادُ مِنَ الْآيَتَيْنِ: أَنَّ هِدَايَةَ الدِّينِ كَهِدَايَةِ الْحِسِّ، وَلَا تَكُونُ إِلَّا لِلْمُسْتَعِدِّ لَهَا بِهِدَايَةِ الْعَقْلِ، وَأَنَّ هِدَايَةَ الْعَقْلِ لَا تَحْصُلُ إِلَّا بِتَوَجُّهٍ النَّفْسِ وَصِحَّةِ الْقَصْدِ، وَهَذَا الصِّنْفُ مِنَ الْكُفَّارِ قَدِ انْصَرَفَتْ أَنْفُسُهُمْ عَنِ اسْتِعْمَالِ عُقُولِهِمْ فِي الدَّلَائِلِ الْبَصَرِيَّةِ وَالسَّمْعِيَّةِ لِإِدْرَاكِ مَطْلَبٍ مِنَ الْمَطَالِبِ مِمَّا وَرَاءَ شَهَوَاتِهِمْ وَتَقَالِيدِهِمْ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُمْ فَقَدُوا نِعْمَةَ الْعَقْلِ الْغَرِيزِيِّ وَلَا نِعْمَةَ الْحَوَّاسِ، بَلِ اسْتِعْمَالَهَا النَّافِعَ- كَمَا قَالَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ} (7: 179) فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا لِلِاعْتِبَارِ وَالِاتِّعَاظِ. وَقَدْ بَيَّنَ ذَلِكَ بَيَانًا مُسْتَأْنَفًا بِمَا يُبْطِلُ الْقَوْلَ بِالْجَبْرِ فَقَالَ: {إِنَّ اللهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا} أَيِ اللهُ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ وَلَا مِنْ سُنَنِهِ فِي خَلْقِ النَّاسِ أَنْ يَنْقُصَهُمْ شَيْئًا مِنَ الْأَسْبَابِ، الَّتِي يَهْتَدُونَ بِاسْتِعْمَالِهَا إِلَى مَا فِيهِ خَيْرُهُمْ وَمَنَافِعُهُمْ مِنَ الْأَعْمَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ الْمُوَصِّلَةِ إِلَى سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَهِي الْحَوَاسُّ وَالْعَقْلُ وَسَائِرُ الْقُوَى فَالظُّلْمُ هُنَا بِمَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ الْأَصْلِيِّ، وَهُوَ نَقْصُ مَا تَقْتَضِي الْخِلْقَةُ الْكَامِلَةُ وَجُودَهُ كَقَوْلِهِ تعالى: {كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا} (18: 33): {وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} أَيْ يَظْلِمُونَهَا وَحْدَهَا؛ لِأَنَّ عِقَابَ ظُلْمِهِمْ وَاقِعٌ عَلَيْهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، فَهُمْ يَجْنُونَ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ بِمَا أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنْ هِدَايَاتِ الْمَشَاعِرِ وَالْعَقْلِ وَالدِّينِ، وَهُوَ عَدَمُ اسْتِعْمَالِهَا فِيمَا مَنَحَهُمْ إِيَّاهَا لِأَجْلِهِ مِنَ اتِّبَاعِ الْحَقِّ فِي الِاعْتِقَادِ وَالْهُدَى فِي الْأَعْمَالِ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقِيمُ الْمُوَصِّلُ إِلَى سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، الْمُنَجِّي مِنْ عَذَابِهِمَا. وَقَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ {وَلَكِنْ} بِتَخْفِيفِ النُّونِ و{النَّاسُ} بِالرَّفْعِ.
وَقَدْ وَضَعَ الِاسْمَ الظَّاهِرَ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ إِذْ قَالَ: {وَلَكِنَّ النَّاسَ} وَلَمْ يَقُلْ: (وَلَكِنَّهُمْ) لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ هَذَا الظُّلْمَ خَاصٌّ بِهِمْ دُونَ سَائِرِ أَنْوَاعِ الْحَيَوَانِ؛ فَإِنَّهَا لَا تَعْدُو فِي اسْتِعْمَالِ مَشَاعِرِهَا وَقُوَاهَا مَا خُلِقَتْ لِأَجْلِهِ مِنْ حِفْظِ حَيَاتِهَا الشَّخْصِيَّةِ، وَالنَّوْعِيَّةِ، وَأَمَّا النَّاسُ فَقَدْ يَسْتَعْمِلُونَهَا فِيمَا يَضُرُّهُمْ فِي حَيَاتِهِمُ الْحَيَوَانِيَّةِ الدُّنْيَوِيَّةِ، وَفِي حَيَاتِهِمُ الرُّوحِيَّةِ الْأُخْرَوِيَّةِ، كَمَا قَالَ: {أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا} (25: 44) وَقَدَّمَ الْمَفْعُولَ أَنْفُسَهُمْ عَلَى عَامِلِهِ لِإِفَادَةِ قَصْرِ هَذَا الظُّلْمِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، أَوْ دُونَ رَبِّهِمُ الَّذِي كَفَرُوا بِنِعَمِهِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى، فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ سُورَةِ الْبَقَرَةِ (2: 54) وَسُورَةِ الْأَعْرَافِ: {وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} (7: 160).
هَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فِي هَذَا الْمَقَامِ مِنْ نَفْيِ ظُلْمِ النَّاسِ عَنِ اللهِ تَعَالَى وَقَصْرِهِ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ أَنَّهُ تَعَالَى لَا يَظْلِمُهُمْ بِعِقَابِهِ لَهُمْ شَيْئًا بِأَنْ يُعَاقِبَهُمْ عَلَى غَيْرِ ذَنْبٍ أَوْ يَزِيدَ عَلَى قَدْرِ الذَّنْبِ وَلَكِنَّ النَّاسَ هُمُ الَّذِينَ يَظْلِمُونَ أَنْفُسَهُمْ بِذُنُوبِهِمْ دُونَ غَيْرِهِمْ، عَلَى قَاعِدَةِ: {وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا} (6: 164) الآية. فَرَاجِعْ تَفْسِيرَهَا مَعَ مَا هُنَا، وَحَاسِبْ نَفْسَكَ، وَذَكِّرْ غَيْرَكَ، وَلَا تَجْعَلُوا هَذِهِ الْحِكَمَ الْبَلِيغَةَ حِكَايَةً لِلتَّسْلِيَةِ بِهَجْوِ الْكُفَّارِ، فَإِنَّمَا هِيَ حَقَائِقُ هَادِيَةٌ لِلْمَوْعِظَةِ وَالِاسْتِبْصَارِ.
{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ}. هَذِهِ الْآيَةُ لِلتَّذْكِيرِ بِمِقْدَارِ ظُلْمِ الْمُشْرِكِينَ لِأَنْفُسِهِمْ وَخَسَارَتِهِمْ لَهَا فِي الْآخِرَةِ، بِتَكْذِيبِهِمُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَكُفْرِهِمْ بِالْقُرْآنِ وَوَعِيدِهِ لَهُمْ، وَغُرُورِهِمْ بِدُنْيَاهُمُ الْحَقِيرَةِ مِصْدَاقًا لِلْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا، قَالَ: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ} أَيْ وَاذْكُرْ أَيُّهَا الرَّسُولُ لَهُمْ أَوْ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ يَحْشُرُهُمُ اللهُ- وَهَذِهِ قِرَاءَةُ حَمْزَةَ عَنْ عَاصِمٍ وَقَرَأَهَا الْبَاقُونَ {نَحْشُرُهُمْ} بِالنُّونِ أَيْ نَجْمَعُهُمْ بِبَعْثِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِمْ وَنَسُوقُهُمْ إِلَى مَوَاقِفِ الْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ أَيْ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَمْكُثُوا فِي الدُّنْيَا إِلَّا مُدَّةً قَلِيلَةً مِنَ النَّهَارِ رَيْثَمَا يَعْرِفُ فِيهَا بَعْضُهُمْ بَعْضًا كَأُولِي الْقُرْبَى وَالْجِيرَانِ ثُمَّ زَالَتْ؛ فَإِنَّ السَّاعَةَ يُضْرَبُ بِهَا الْمَثَلُ فِي قِلَّةِ الْمُدَّةِ. فَالتَّشْبِيهُ بَيَانٌ لِحَالِهِمْ فِي تَذَكُّرِهِمْ لِلدُّنْيَا. يَعْنِي أَنَّ هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا الَّتِي غَرَّتْهُمْ بِمَتَاعِهَا الْحَقِيرِ الزَّائِلِ قَصِيرَةٌ سَتَزُولُ بِعَذَابِهِمْ أَوْ مَوْتِهِمْ وَسَيُقَدِّرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قِصَرَهَا بِسَاعَةٍ مِنَ النَّهَارِ لَا تَسَعُ أَكْثَرَ مِنَ التَّعَارُفِ الْقَلِيلِ، كَمَا قَالَ فِي آخِرِ سُورَةِ الْأَحْقَافِ: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَ مَا يُوعَدُونَ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا سَاعَةً مِنْ نَهَارٍ} (46: 35) وَفِي سُورَةِ الرُّومِ: {وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ مَا لَبِثُوا غَيْرَ سَاعَةٍ كَذَلِكَ كَانُوا يُؤْفَكُونَ} (30: 55) وَفِي مَعْنَاهَا قَوْلُهُ تَعَالَى فِي آخِرِ النَّازِعَاتِ عَنِ السَّاعَةِ: {كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا} (79: 46) وَفِي آيَاتٍ أُخْرَى أَنَّ أَهْلِ الْمَوْقِفِ يَخْتَلِفُونَ فِي هَذَا التَّقْدِيرِ، أَيْ بِحَسْبِ اخْتِلَافِ أَحْوَالِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ؛ فَإِنَّهُ تَعَالَى قَالَ بَعْدَ آيَةِ سُورَةِ الرُّومِ: {وَقَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (30: 56) وَفِي سُورَةِ الْمُؤْمِنُونَ: {قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلِ الْعَادِّينَ قَالَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (23: 112- 114) وَفِي سُورَةِ طَهَ يَخْتَلِفُونَ بَيْنَ الْيَوْمِ وَالْعَشْرِ، وَقِيلَ إِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُمْ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ يَوْمَ يُحْشَرُونَ كَأَنَّهُمْ لَمْ يَتَفَارَقُوا لِقِصَرِ مُدَّةِ الْفِرَاقِ، وَثَمَّ أَقْوَالٌ أُخْرَى فِي التَّشْبِيهِ يُبْطِلُهَا مَا أَوْرَدْنَا مِنَ الْآيَاتِ فِي شَوَاهِدِهِ: {قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ} أَيْ خَسِرُوا السَّعَادَةَ الْأَبَدِيَّةَ؛ إِذْ لَمْ يَسْتَعِدُّوا لَهُ بِالْإِيمَانِ وَعَمِلِ الصَّالِحَاتِ الْمُزَكِّيَةِ لِلنَّفْسِ، الْمُرَقِّيَّةِ لِلرُّوحِ، بِمَا تَكُونُ أَهْلًا لِكَرَامَتِهِ وَمَثُوبَتِهِ، وَرِضْوَانِهِ الْأَكْبَرِ فِي جَنَّاتِهِ، فَآثَرُوا عَلَيْهَا حَيَاةَ الدُّنْيَا الْقَصِيرَةَ الْحَقِيرَةِ الْمُنَغَّصَةَ بِالْأَكْدَارِ، السَّرِيعَةَ الزَّوَالِ الَّتِي يُقَدِّرُونَهَا يَوْمَ الْحَشْرِ بِسَاعَةٍ مِنْ نَهَارٍ، وَالْجُمْلَةُ بَيَانٌ مُسْتَأْنَفٌ مِنْهُ تَعَالَى لِخُسْرَانِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقَاءِ اللهِ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَغَيْرِهِمْ؛ وَبِذَلِكَ ذَكَرَهُمْ بِصِفَتِهِمُ الْمُقْتَضِيَةِ لَهُ وَهِي التَّكْذِيبُ، وَعَطَفَ عَلَيْهِ {وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} فِيمَا اخْتَارُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ مِنْ إِيثَارِ الْخَسِيسِ الْفَانِي، عَلَى النَّفِيسِ الْخَالِدِ الْبَاقِي، أَوْ هِيَ مَعْطُوفَةٌ عَلَى جُمْلَةِ {قَدْ خَسِرَ} أَيْ خَسِرُوا تِجَارَتَهُمْ وَأَنْفُسَهُمْ، وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ إِلَى أَسْبَابِ النَّجَاةِ وَالرِّبْحِ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الَّتِي هِيَ ثَمَرَاتُ الْإِيمَانِ كَمَا قَالَ: {فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} (2: 16) وَقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَ اللهِ تَعَالَى فِي الْآيَاتِ 7، 11، 15 مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ، وَتَقَدَّمَ ذِكْرُ خُسْرَانِهِمْ فِي سُورَةِ الْأَنْعَامِ (6: 31).
{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعَدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ}.
هَذِهِ الْآيَاتُ تَتِمَّةُ الرَّدِّ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي تَكْذِيبِ مَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ وَلَمَّا يَأْتِهِمْ تَأْوِيلُهُ مِنَ الْعِقَابِ الَّذِي سَبَقَ فِي الْآيَةِ 39 وَمَا بَعْدَهَا.
{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ} هَذِهِ جُمْلَةٌ شَرْطِيَّةٌ زِيدَتْ (مَا) فِي حَرْفِ الشَّرْطِ (إِنْ) وَنُونُ التَّوْكِيدِ فِي فِعْلِهِ فَكَانَ تَوْكِيدُهُ مُزْدَوَجًا، وَالْمُرَادُ بِالْآيَةِ تَأْكِيدُ وُقُوعِ مَا وَعَدَ اللهُ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعِقَابِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ بِشَرْطِهِ فِيهِمَا، لَا يَتَخَلَّفُ مِنْهُمَا شَيْءٌ فِي جُمْلَتِهِمَا، سَوَاءٌ أَرَى اللهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْضَ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْهُ وَشَاهَدَهُ، أَمْ تَوَفَّاهُ قَبْلَ إِرَادَتِهِ إِيَّاهُ فَإِبْهَامُ اللهِ تَعَالَى إِيَّاهُ لِلْحِكْمَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لَهُ فِي أَوَائِلِ الْبَعْثَةِ مِنْ جِهَةِ قُرْبِهِ أَوْ بُعْدِهِ وَرُؤْيَتِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ وَعَدَمِ رُؤْيَتِهِ لَا يُفِيدُهُمْ شَيْئًا، وَسَنُبَيِّنُ هَذِهِ الْحِكْمَةَ فِي إِبْهَامِهِ. فَالْمَعْنَى: وَإِنْ نُرِيَنَّكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ مِنَ الْعِقَابِ فِي الدُّنْيَا فَذَاكَ- وَفِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّهُ سَيُرِيهِ بَعْضَهُ لَا كُلَّهُ، {أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ} بِقَبْضِكَ إِلَيْنَا قَبْلَ إِرَاءَتِكَ إِيَّاهُ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ وَعَلَيْنَا حِسَابُهُمْ حَيْثُ يَكُونُ الْقِسْمُ الثَّانِي مِنْهُ وَهُوَ عِقَابُ الْآخِرَةِ، وَيَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ هَذَا جَوَابَ الشَّرْطِ بِقِسْمَيْهِ، وَالْمَعْنَى: فَإِلَيْنَا وَحْدَنَا يَرْجِعُ أَمْرُهُمْ فِي الْحَالَيْنِ {ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ} بَعْدَكَ أَوْ مُطْلَقًا فَيَجْزِيهِمْ بِهِ عَلَى عِلْمٍ وَشَهَادَةٍ حَقٍّ، وَالْمُرَادُ أَنَّهُ لَا فَائِدَةَ لَهُمْ مِمَّا حَكَاهُ تَعَالَى عَنْهُمْ فِي تَرَبُّصِهِمْ مَوْتَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتِرَاحَتِهُمْ مِنْ دَعْوَتِهِ وَنُذُرِهِ بِمَوْتِهِ كَمَا تَرَاهُ فِي سُورَةِ الطُّورِ وَآخَرِ سُورَةِ طَهَ، فَالْعَذَابُ وَاقِعٌ مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ.
وَقَدْ وَرَدَ بِمَعْنَى هَذِهِ الْآيَةِ قَوْلُهُ تعالى: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ} (40: 77) وَيَلِيهَا آيَةٌ بِمَعْنَى الْآيَةِ الَّتِي تَلِي هَذِهِ ذُكِرَ فِيهَا الرُّسُلُ وَكَوْنُ آيَاتِهِمْ بِإِذْنِ اللهِ لَا مِنْ كَسْبِهِمْ، وَالْقَضَاءُ عَلَى أَقْوَامِهِمْ بِالْهَلَاكِ بَعْدَهَا، وَمِنْهَا قَوْلُهُ بَعْدَ آيَةٍ فِي إِرْسَالِ الرُّسُلِ وَكَوْنِ آيَاتِهِمْ إِنَّمَا هِيَ بِإِذْنِ اللهِ وَلِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ: {وَإِنْ مَا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ} (13: 40) وَمَا بَعْدَهَا فِي مَعْنَى السِّيَاقِ الَّذِي هُنَا، وَقَوْلُهُ: {فَإِمَّا نَذْهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنْهُمْ مُنْتَقِمُونَ أَوْ نُرِيَنَّكَ الَّذِي وَعَدْنَاهُمْ فَإِنَّا عَلَيْهِمْ مُقْتَدِرُونَ} (43: 41، 42) وَقَبْلَهَا: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ وَمَنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (43: 40) وَهُوَ بِمَعْنَى مَا قَبْلَ هَذِهِ أَيْضًا.
وَقَدْ أَبْهَمَ أَمْرَ عَذَابِ الدُّنْيَا فِي كُلِّ هَذِهِ الْآيَاتِ وَآيَاتٍ أُخْرَى، فَلَمْ يُصَرِّحْ بِأَنَّهُ سَيَقَعُ بِهِمْ مَا وَقَعَ بِالْأُمَمِ الَّتِي كَذَّبَتِ الرُّسُلَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَهُوَ عَذَابُ الِاسْتِئْصَالِ، وَلَكِنَّهُ أَشَارَ إِلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: {قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي مَا يُوعَدُونَ رَبِّ فَلَا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} (23: 93، 94) أَيْ كَمَا هِيَ سُنَّتُكَ فِي رُسُلِكَ الْأَوَّلِينَ، وَقَدْ أَجَابَ اللهُ دُعَاءَهُ فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} (8: 33).
وَحِكْمَةُ هَذَا الْإِبْهَامِ التَّخْوِيفُ مِنْ جَمِيعِ أَنْوَاعِ الْوَعِيدِ، مَعَ عِلْمِهِ تَعَالَى أَنَّ عَذَابَ الِاسْتِئْصَالِ لَنْ يَقَعَ عَلَى قَوْمِهِ صلى الله عليه وسلم؛ لِأَنَّ شَرْطَهُ أَنْ يَجِيئَهُمْ مَا اقْتَرَحُوا مِنْ آيَةٍ كَوْنِيَّةٍ وَيُصِرُّوا بَعْدَهُ التَّكْذِيبَ، وَلَنْ يَقَعَ، وَلَكِنْ فِي آيَةِ يُونُسَ هَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ اللهَ تَعَالَى سَيُرِي رَسُولَهُ بَعْدَ نُزُولِهَا بَعْضَ الَّذِي يَعِدُهُمْ لَا كُلَّهُ، وَقَدْ أَنْجَزَ لَهُ ذَلِكَ فَأَرَاهُ مَا نَزَلَ بِهِمْ مِنَ الْقَحْطِ وَالْمَجَاعَةِ بِدُعَائِهِ عَلَيْهِمْ، وَنَصْرِهِ عَلَيْهِمْ أَعْظَمَ النَّصْرِ فِي أَوَّلِ مَعْرَكَةٍ هَاجَمَهُ بِهَا رُؤَسَاؤُهُمْ وَصَنَادِيدُهُمْ وَهِيَ غَزْوَةُ بَدْرٍ، وَفِي غَيْرِهَا إِلَى فَتْحِ عَاصِمَتِهِمُ الْكُبْرَى أُمِّ الْقُرَى، وَإِكْمَالِ الدِّينِ وَدُخُولِ النَّاسِ فِيهِ أَفْوَاجًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَوَاضِعِهِ. اهـ.

.فوائد لغوية وإعرابية:

قال السمين:
{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)}
قوله تعالى: {وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ}: إمَّا هذه قد تقدَّم الكلامُ عليها مستوفىً. وقال ابن عطية: ولأجلها أي: لأجل زيادةِ ما جاز دخولُ النونِ الثقيلة ولو كانَتْ إنْ وحدَها لم يَجُزْ يعني أن توكيد الفعل بالنونِ مشروطٌ بزيادة ما بعد إنْ، وهو مخَالفٌ لظاهرِ كلامِ سيبويه، وقد جاء التوكيد في الشرط بغير إنْ كقوله:
مَنْ نثقفَنْ منهم فليس بآيبٍ ** أبدًا وقَتْل بني قتيبةَ شافي

قال ابن خروف: أجاز سيبويهِ الإِتيانَ بما وأن لا يؤتى بها، والإِتيانُ بالنون مع ما وأن لا يؤتى بها والإِراءَةُ هنا من البصر؛ ولذلك تعدَّى الفعلُ إلى اثنين بالهمزة أي: نجعلك رائيًا بعضَ الموعودين.
قوله: {فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ} مبتدأ وخبر، وفيه وجهان أظهرهما: أنه جوابٌ للشرط وما عُطف عليه، إذ معناه صالحٌ لذلك. وإلى هذا ذهب الحوفي وابن عطية. والثاني: أنه جوابٌ لقوله: {أو نتوفَيَنَّك}، وجواب الأول محذوف قال الزمخشري: كأنه قيل: وإمَّا نُرِيَنَّك بعضَ الذي نَعِدُهم فذاك، أو نتوفينَّك قبل أن نريك فنحن نُريك في الآخرة. قال الشيخ: فجعل الزمخشري في الكلام شرطين لهما جوابان، ولا حاجةَ إلى تقدير جواب محذوف لأنَّ قولهَ: {فإلينا مَرْجعهم} صالحٌ لأن يكونَ جوابًا للشرط والمعطوفِ عليه، وأيضًا فقولُ الزمخشري فذاك هو اسمٌ مفردٌ لا يَنْعقد منه جوابُ شرطٍ فكان ينبغي أن يأتي بجملةٍ يَصِحُّ منها جوابُ الشرط إذ لا يُفْهَمُ مِنْ قوله فذاك الجزء الذي حُذِف، المتحصَّل به فائدةُ الإِسناد. قلت: قد تقررَّ أنَّ اسمَ الإِشارة قد يُشار به إلى شيئين فأكثر وهو بلفظِ الإِفراد، فكأنَّ ذاك واقعٌ موقعَ الجملة الواقعة جوابًا، ويجوزُ أن يكونَ قد حُذِفَ الخبر لدلالة المعنى عليه إذ التقديرُ: فذاك المراد أو المتمنَّى أو نحوه. وقوله: إذ لا يُفْهم الجزء الذي حُذِف إلى آخره ممنوعٌ بل هو مفهومٌ كما رأيت، وهي شيءٌ يَتبارد إليه الذهن.
قوله: {ثُمَّ الله شَهِيدٌ} ليست هنا للترتيب الزماني بل هي لترتيبِ الأخبارِ لا لترتيبِ القصصِ في أنفسها. قال أبو البقاء: كقولك زيدٌ عالم ثم هو كريم. وقال الزمخشري: فإن قلت: اللَّهُ شهيدٌ على ما يفعلون في الدارَيْن فما معنى ثم؟ قلت: ذُكِرَت الشهادة، والمراد مقتضاها ونتيجتها، وهو العقاب، كأنه قيل: ثم الله معاقِبٌ على ما يفعلونه.
وقرأ إبرهيم ابن أبي عبلة {ثَمَّ} بفتح الثاء جعله ظرفًا لشهادة الله، فيكون {ثَمَّ} منصوبًا بـ {شهيد} أي: اللَّهُ شهيدٌ عليهم في ذلك المكان، وهو مكانُ حَشْرِهم. ويجوز أن يكونَ ظرفًا لمَرْجِعهم أي: فإلينا مَرْجِعُهم يعني رجوعهم في ذلك المكانِ الذي يُثاب فيه المُحْسِن ويُعاقَبُ فيه المسيءُ. اهـ.

.من لطائف وفوائد المفسرين:

من لطائف القشيري في الآية:
قال عليه الرحمة:
{وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ (46)}
معناه أن خبره صدق، ووعده ووعيده حق، وبعد النَّشْرِ حَشْرٌ، وفي ذلك الوقت مُطَالَبَةٌ وحسابٌ، ثم على الأعمال ثواب وعقاب، وما أسرع ما يكون المعلومُ مُشَاهَدًا موجودًا!. اهـ.